موقف ابن مالك مما اختلف فيه البَصريون والكوفيون
Abstract
ابن مالك هو الرجل المشهور في دراسة النحو العربي، كانت ألفيته الشهيرة قد شرحها كثير من العلماء وهي مدروسة في كثير من المعاهد والمدارس. هذا يدل على إقبال الدارسين على هذه الألفية مادة وأسلوبا. ويدل كذلك على نجاح ابن مالك في عرض القواعد المختارة مما اتفق ومما اختلف فيها بين النحاة حتى تكون قواعده ثابتة غير مثيرة للرفض والجدل. فقد نجح ابن مالك في تعيين الراجح والمرجوح بل في ترجيح ما اختلف فيه البصريون والكوفيون. هذا هو الرجل ذو موقف معين مما اختلفت المدرستان في النحو. وما هو هذا الموقف؟ ليس من السهل للدارس تعيين موقف هذا الرجل إلا بعد معرفة خطواته في معالجة المسائل الخلافية. فالغرض من هذا البحث هو معرفة موقف ابن مالك مما اختلف فيه البصريون والكوفيون. هل كان يتمسك بواحد منهما تعصبيا أم كان يباين كلا منهما ويسلك مسلكا خاصا له أساسه الموضوعي العلمي؟ أم غير ذلك؟ ولحل هذا السؤال يقوم الباحث بالاطلاع على أفكاره وخطواته في معالجة الخلافية. ويعتمد البحث على كتابه شرح التسهيل، لأن فيه مباحثه العميقة وتحليلاته المفصلة عن المسائل النحوية. ولوحظ أنه قد سلك الخطوات التالية: (1) فهْمُ جوهر كل مسألة خلافية، (2) قراءة جميع الآراء المختلفة في كل مسألة قراءة دقيقة، (3) فهم جوهر كل رأي في كل مسألة، (4) ذكر الآراء التي يحسن الكلام عليها، (5) نقد كل رأي، (6) اختيار رأي لإثباته قاعدة، (7) تقرير القاعدة وإثباتها. وهذه الخطوات تتصف بهذه الخصائص: (1) التعادل والتحادي أي عدم التعصب، (2) الانتقاد والتحقق، (3) الاحترام، و (4) الحكمة لتسهيل الطلاب لعملية التعلم. وبعدُ، فقد حصل هذا البحث على نتيجة أن ابن مالك يقف مما اختلف فيه البصريون والكوفيون موقفا حذرا علميا موضوعيا وتربويا بمعنى أنه لا يميل إلى أحدهما ميلا تعصبيا بل يقيم أفكاره النحوية على أساس موضوعي ذي قيمة تربوية وتعليمية، وقد دلت عليه خصائص خطواته عند حل المشكلات والمسائل النحوية عامة والمسائل الخلافية خاصة. فهو بذلك بلغ إلى تقعيد النحو بنجاح حتى يعترف معظم النحاة بدوره العظيم في تطوير النحو.